فصل: تفسير الآية رقم (40):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (40):

{قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40)}
{بَلَغَنِىَ الْكِبَرُ}، لأنه بمنزلة الطالب له. {عَاقِرٌ} لا تلد، وإنما قال ذلك بعد البشارة تعجباً من قدرة الله تعالى وتعظيماً لأمره، أو أراد أن يعلم على أي حال يكون؟ بأن يردا إلى شبابهما، أو على حال الكبر.

.تفسير الآية رقم (41):

{قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (41)}
{ءَايَةً} علامة لوقت الحمل لتعجيل السرور به. {رَمْزًا} تحريك الشفتين، أو الإشارة أو الإيماء. {وَاذْكُر رَّبَّكَ} منع من الكلام ولم يمنع من الذكر. {بِالْعَشِيَ} أصله الظلمة فسمي ما بعد الزوال عشياً لاتصاله بالظلام. والعشا: ضعف البصر. {وَالإِبْكَارِ} من الفجر إلى الضحى أصله التعجيل، لأنه تعجيل للضياء.

.تفسير الآية رقم (42):

{وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42)}
{اصْطَفَاكِ} لولادة المسيح، أو على عالمي زمانك. {وَطَهَّرَكِ} من الكفر، أو أدناس الحيض النفاس. {وَاصْطَفَاكِ} تأكيد للاصطفاء أو الأول للعبادة، والثاني لولادة المسيح عليه الصلاة والسلام.

.تفسير الآية رقم (43):

{يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)}
{اقْنُتِى} أَخلصي لربك، أو أديمي طاعته، أو أطيلي القيام في الصلاة. {وَاسْجُدِى} كان السجود في شرعهم مقدماً على الركوع، أو (الواو) لا ترتيب فيها، فكلمتها الملائكة معجزة لزكريا عليه الصلاة والسلام، أو توكيداً لنبوة المسيح عليه الصلاة والسلام، أصل السجود: الانخفاض الشديد، والركوع: دونه. {مَعَ الرَّاكعِينَ} افعلي كفعلهم، أو صلي في جماعة.

.تفسير الآية رقم (44):

{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)}
{أَنبَآءِ الْغَيْبِ} البشارة بالمسيح عليه الصلاة والسلام أصل الوحي: إلقاء المعنى إلى صاحبه، فيلقى إلى الرسل بالإنزال، وإلى النحل بالإلهام، ومن بعض إلى بعض بالإشارة {فأوحى إِلَيْهِمْ} [مريم: 11].
......................... ** أوحى لها القرار فاستقرت

{يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ} قالوا نحن أحق بكفالتها، لأنها ابنة إمامنا وعالمنا وقال زكريا: (أنا أحق لأن خالتها عندي)، فاقترعوا على ذلك بأقلامهم وهي القداح فأُصعد قلم زكريا في جرية الماء، وانحدرت أقلامهم مع الجرية، فقرعهم فكفلها، أو كفلها زكريا بغير قرعة، ثم أصابتهم أزمة ضعف بها عن مؤنتها فقال: ليأخذها أحدكم فتدافعوها فاقترعوا فقرعهم زكريا عليه الصلاة والسلام.

.تفسير الآية رقم (45):

{إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)}
{الْمَسِيحُ}، لأنه مسح بالبركة، أو مسح بالتطهير من الذنوب.

.تفسير الآية رقم (46):

{وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46)}
{الْمَهْدِ} من التمهيد، تكلم فيه تبرئة لأمه، أو لظهور معجزته، وكان في المهد نبياً، لظهور المعجزة، أو لم يكن حينئذ نبياً وكان كلامه تأسيساً لنبوته. {وَكَهْلاً} حليماً، أو كهلاً في السن، والكهولة أربع وثلاثون سنة، أو فوق حال الغلام ودون حال الشيخ، أخذ من القوة، اكتهل النبت إذا طال وقوي، يريد يكلمهم كهلاً بالوحي، أو يتكلم صغيراً بكلام الكهل في السن.

.تفسير الآية رقم (52):

{فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52)}
{أَنصَارِى إِلَى اللهِ} مع الله، أو في السبيل إلى الله، أو من ينصرني إلى نصر الله. {الْحَوَارِيُّونَ} لبياض ثيابهم، أو كانوا قَصَّارين يبيّضون الثياب، أو هم خواص الأنبياء، لنقاء قلوبهم من الحور، وهو شدة البياض، ومنه الحواري من الطعام، استنصرهم ليمنعوه من قتل الذين أرادوا قتله، أو ليتمكن من إقامة الحجة وإظهار الحق، أو ليميز المؤمن من الكافر.

.تفسير الآية رقم (53):

{رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)}
{فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} ثبت أسماءنا مع أسمائهم لننال مثل كرامتهم، أو صل ما بيننا وبينهم بالأخلاص على التقوى.

.تفسير الآية رقم (54):

{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54)}
{وَمَكَرُواْ} بالمسيح عليه الصلاة والسلام، ليقتلوه فمكر الله تعالى بهم بالخيبة بإلقاء شَبَهه على غيره، أو مكروا بإضمار الكفر ومكر الله لمجازاتهم بالعقوبة، وذكر ذلك للازدواج، كقوله تعالى {فاعتدوا عَلَيْهِ} [البقرة: 194] وأصل المكر الالتفاف، الشجر المتلف مكر، فالمكر احتيال على الإنسان، لإلقاء المكروه به، والفرق بينه وبين الحلية أنه لايكون إلا لقصد الإضرار، والحيلة قد تكون لإظهار ما يعسر من غير قصد إضرار.

.تفسير الآية رقم (61):

{فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)}
{فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ} الضمير لعيسى عليه الصلاة السلام، أو للحق {فَقُلْ تَعَالَوْاْ} المدعو للمباهلة نصارى نجران. {نَبْتَهِلْ} نلتعن، أو ندعو بالهلاك.
........................ ** نظر الدهر إليهم فابتهل

أي دعا عليهم بالهلاك، لما نزلت أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بيد علي وفاطمة وولديها رضي الله تعالى عنهم ثم دعاهم إلى المباهلة فقال بعضهم لبعض: (إن باهلتموه اضطرم عليكم الوادي ناراً فامتنعوا).

.تفسير الآية رقم (64):

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)}
{تَعَالَوْاْ} خطاب لنصارى نجران، أو ليهود المدينة، {أرْبَابًا} هو سجود بعضهم لبعض، أو طاعة الأتباع للرؤساء.

.تفسير الآية رقم (66):

{هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66)}
{حَاجَجْتُمْ} فيما وجتموه في كتبكم، {فَلِمَ تُحَآجُّونَ} في شأن إبراهيم {وَاللهُ يَعْلَمُ} شأنه وأنتم لا تعلمونه.

.تفسير الآية رقم (67):

{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67)}
{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ} لما اجتمعت اليهود والنصارى عند الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت النصارى: لم يكن إبراهيم إلا نصرانياً، وقالت اليهود: لم يكن إلا يهودياً فنزلت...

.تفسير الآية رقم (70):

{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70)}
{وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ} بما يدل على صحة الآيات من كتابكم المبشر بها، أو تشهدون بمثلها من آيات الأنبياء، أو تشهدون بما عليكم في الحجة.

.تفسير الآية رقم (71):

{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71)}
{تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} الإيمان بموسى وعيسى والكفر بمحمد عليه الصلاة والسلام، أو تحريف التوراة والأنجيل، أو الدعاء إلى إظهار الإسلام أول النهار والكفر آخره، طلباً لتشكيك الناس فيه. {وَتَكْتُمُونَ} صفة محمد صلى الله عليه وسلم وأنتم تعلمونها من كتبكم.

.تفسير الآية رقم (73):

{وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73)}
{وَلا تُؤْمِنُوَاْ إِلآَّ} قاله اليهود بعضهم لبعض، أو قاله يهود خيبر ليهود المدينة، نهوا عن ذلك لئلا يكون طريقاً لعبدة الأوثان إلى تصديقه، أو لئلا يعرفوا به فيلزمهم الدخول فيه. {الْهُدَى هُدَى اللهِ} أن لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أيها المسلمون فحذف (لا)، أو {الْهُدَىَ هُدَى اللهِ} فلا تجحدوا أن يؤتى {أَوْ يُحَآجُّوكُمْ} ولا تؤمنوا أن يحاجوكم إذ لا حجة لهم، أو يكون (أو) بمعنى حتى تبعيداً كقولك (لا يلقاه أو تقوم الساعة) قاله الكسائي والفراء.

.تفسير الآية رقم (74):

{يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74)}
{بِرَحْمَتِهِ} النبوة، أو القرآن والإسلام، وهل تكون النبوة جزاء على عمل، أو تفضلاً؟ فيه مذهبان.

.تفسير الآية رقم (75):

{وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)}
{بِقِنطَارٍ} (الباء) فيه، وفي الدينار لإلصاق الأمانة به، أو بمعنى (على) {قَآئِمًا} بالاقتضاء، أو ملازماً، أو قائماً على رأسه. {الأُمِّيِّنَ} العرب، قالوا لا سبيل علينا في أموالهم لإشراكهم، أو لتحولهم عن الدين الذي عاملناهم عليه، ولما نزلت قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «كذب أعداء الله ما شيء كان في الجاهلية إلا وهو تحت قدمي إلا الأمانة فإنها مؤداة إلى البرّ والفاجر».

.تفسير الآية رقم (77):

{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)}
{بِعَهْدِ اللَّهِ} أمره ونهيه، أو ما جعل في العقل من الزجر عن الباطل والانقياد إلى الحق. {لا خَلاقَ} من الخَلْق وهو التقدير أي لا نصيب، أو من الخُلُق أي لا نصيب لهم مما يوجبه الخلق الكريم. {وَلا يُكَلِّمُهُمُ} بما يسرهم بل بما يسوؤهم عند الحساب، لقوله تعالى: {عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} [الغاشية: 26] أو لا يكلمهم أصلاً بل يكل حسابهم إلى الملائكة. {وَلا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ} لا يراهم، أو لا يمن عليهم. {وَلا يُزَكِّيهِمْ} لا يقضي بزكاتهم، نزلت فيمن حلف يميناً فاجرة لينفق بيع سلعته، أو في الأشعث نازع خصماً في أرض فقام ليحلف فنزلت فنكل الأشعث واعترف بالحق، أو في أربعة من أحبار اليهود، كتبوا كتاباً وحلفوا أنه من عند الله فيما ادّعوا أنه ليس عليهم في الأميين سبيل.

.تفسير الآية رقم (79):

{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79)}
{مَا كَانَ لِبَشَرٍ} قالت طائفة من اليهود للرسول صلى الله عليه وسلم: أتدعونا إلى عبادتك كما دعا المسيح النصارى؟ فنزلت {رَبَّانِيِّنَ} فقهاء علماء، أو حكماء أتقياء، أو الولاة الذين يربون أمور الناس، أخذ الرباني ممن يرب الأمور بتدبيره ولذلك قيل للعالم رباني، لأنه يدبر الأمور بعلمه، أو الرباني مضاف إلى علم الرب.

.تفسير الآية رقم (81):

{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81)}
{مِيثَاقَ النَّبيِّنَ} أن يؤمنوا بالآخرة، أو يأخذوا على قومهم تصديق محمد صلى الله عليه وسلم {ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ} محمد صلى الله عليه وسلم {مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ} من التوراة والإنجيل. {وَأَخَذْتُمْ عَلَى} قبلتم عهدي، أو وأخذتم على متبعكم عهدي {فَاشْهَدُواْ} على أممكم، وأنا من الشاهدين عليكم وعليهم.

.تفسير الآية رقم (83):

{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)}
{وَلَهُ أَسْلَمَ} أسلم المؤمن طوعاً، والكافر عند الموت كرهاً، أو أقروا بالعبودية وإن كان فيهم المشرك فيها، أو سجود المؤمن طوعاً وسجود ظل الكافر كرهاً، أو طوعاً بالرغبة في الثواب، وكرهاً لخوف السيف، أو إسلام الكاره يوم أخرج الذر ظهر آدم، أو استسلم بالانقياد والذلة.

.تفسير الآية رقم (90):

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (90)}
{الَّذِينَ كَفَرُواْ} اليهود كفروا بالمسيح. {ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا} بمحمد صلى الله عليه وسلم. {لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} عند الموت، أو أهل الكتاب لا تقبل توبتهم من ذنوبهم مع إصرارهم على كفرهم، أو هم مرتدون عزموا على إظهار التوبة تورية فأطلع الله تعالى الرسول صلى الله عليه وسلم على سرهم أو اليهود والنصارى كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم به قبل بعثه، ثم ازدادوا كفراً إلى حضور آجالهم.